للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث عشر: الخذلان وقلة التوفيق]

ومن آثار تعلق القلب بغير الله تعالى، وضعف تحقيق عمله في توكله على الله والاستعانة به، والخلل في المقاصد والنيات، فإنه بقدر ذلك يحصل الخذلان من الله وقلة التوفيق.

ومعنى الخذلان في اللغة: يطلق على ترك نصرة المسلم، وعدم عونه، وخذلان الله للعبد أن لا يعصمه من السيئات والشبه، فيقع فيها (١).

والمقصود بالخذلان هنا ضد التوفيق، وهو أن لا يعينه الله، ولا ينصره، ولا يعصمه، بل يكله إلى نفسه، كما قال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: ١٦٠].

يقول ابن القيم رحمه الله: "فإن العارفين كلهم مجمعون على أن التوفيق أن لا يكلك الله تعالى إلى نفسك، والخذلان أن يكلك الله تعالى إلى نفسك" (٢)، وقال رحمه الله في موضع آخر: "وإذا قام العبد في الحق لله؛ ولكن قام بنفسه وقوته، ولم يقم بالله مستعينًا به متوكلًا عليه مفوضًا إليه بريًّا من الحول والقوة إلا به، فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك" (٣). وعلى هذا فلا بد للداعية من الاستعانة بالله تعالى، والتضرع بقلب مقبل على الله مع التوكل عليه، والبراءة من الحول والقوة، ليسلم من الخذلان، ويجد توفيق الله تعالى يحف به.


(١) ينظر: تهذيب اللغة (٧/ ١٤٠)، الصحاح (٤/ ١٦٨٣)، لسان العرب (١١/ ٢٠٢) مادة (خذل).
(٢) الوابل الصيب (٧).
(٣) إعلام الموقعين (٢/ ١٢٢).

<<  <   >  >>