للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» (١).

فهذه النصوص تبين أهمية الرفق مع الناس، فإذا اتصف الداعية إلى الله تعالى به فتح الله له مغاليق القلوب، ورزقه الحكمة وإصابة الحق في قوله وفعله.

[٥ - الاستشارة]

ومن أسباب الحكمة استشارة الداعية لأصحاب العلم والخبرة من أولي الألباب قبل أن يقدم على ما يريده من أمور الدعوة في الأمور التي تحتاج إلى اشتراك الرأي فيها، وبالأخص الأمور التي يعود نفعها أو ضررها على الجميع؛ ليوفق فيها للصواب، يقول ابن جرير رحمه الله في ثمرة الاستشارة: "لأن المؤمنين إذا تشاوروا في أمور دينهم متبعين الحق في ذلك لم يخلهم الله -عز وجل- من لطفه، وتوفيقه للصواب من الرأي والقول فيه" (٢).

وإذا كانت الاستشارة مبنية على المحبة والتواد، وإرادة الجميع للصواب، من غير ميل إلى هوى، أو حيد عن هدى، فإن الله يوفقهم ويسددهم (٣).

المطلب الثالث: من معالم فقه الحكمة في الدعوة وأساليبها (٤):

حتى ينجح الداعية في دعوته لا بد أن يكون على اطلاع على معالم فقه الحكمة في الدعوة وأساليبها، وأشير إليه في هذه النقاط الآتية:

أولًا: مراعاة التدرج:

ومعنى التدرج في الدعوة: أن يراعي الداعية حال المدعوين، ويترقى بهم في الدعوة شيئًا فشيئًا، يبدأ بالأهم ثم المهم، حتى يصل بهم الغاية المقصودة، وفق طرق مشروعة


(١) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق (٤/ ٢٠٠٤) ح (٢٥٩٤).
(٢) تفسير الطبري (٦/ ١٩٠).
(٣) ينظر: تفسير الطبري (٦/ ١٩١).
(٤) ينظر في ذلك: الرائد دروس في التربية والدعوة (٣/ ٥٨ - ٦٢ - )، مفهوم الحكمة في الدعوة (٢٦ - ٥٨).

<<  <   >  >>