للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: تعلق القلب بالآخرة يبعد الداعية عن تشتت الهم في الدنيا:

في الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ».

وقد مر ذكر آثار الإيمان باليوم الآخر على القلب (١).

[المطلب الرابع: تنبيهات مهمة حول علاقة المسلم بالدنيا من خلال الميزان الشرعي الصحيح]

وأختم هذا المبحث بتنبيهات مهمة حول علاقة المسلم بالدنيا من خلال الميزان الشرعي الصحيح، الذي يحرص الداعية على أن يعلِّمه للناس ويمتثله سلوكًا عمليًّا؛ لأنه قدوة للناس، وذلك وفق المسائل الآتية:

[المسألة الأولى: القلب لا يتعلق إلا بالله وحده، ويكون همه الآخرة]

وسبقت النصوص في بيان أنه لا ينبغي أن تتعلق القلوب بالدنيا، بل تتعلق بالله وحده لا شريك له، وكذلك ينبغي أن يكون هم العبد الآخرة.

المسألة الثانية: قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص: ٧٧].

قال السعدي رحمه الله في معنى الآية: " {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ} أي: قد حصل عندك من وسائل الآخرة ما ليس عند غيرك من الأموال، فابتغ بها ما عند الله، وتصدق ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات، وتحصيل اللذات، {وَلَا تَنْسَ


(١) ينظر: ص (١٥٧).

<<  <   >  >>