للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - ويقول صالح عن أبيه: "رأى رجل مع أَبي محبرة، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إِمام المسلمين! فقال: مع المحبرة إلى المقبرة" (١).

٣ - وقال عبد الله بن محمد البغَوي (٢): "سمعت أبا عبد اللَّه أَحمد بن حنبل يقول: أَنا أَطلب العلم إلى أن أَدخل القبر" (٣).

٤ - وقال محمد بن إسماعيل الصايغ (٤): "كنت أَصوغ مع أَبي ببغداد، فمر بنا أَحمد بن حنبل وهو يعدو ونعلاه في يده، فأَخذ أَبي هكذا بمجامع ثوبه، فقال: يا أبا عبد اللَّه، أَلا تستحي؟! إِلى متى تعدو مع هؤلاء الصبيان؟! قال: إلى الموت" (٥).

[الفرع الثاني: تعليمه العلم للناس وبذله لطالبه، وما تركه للأمة من مؤلفات]

تعليم الناس العلم وبذله لطالبه صفة نبيلة عالية المقام عند الله تعالى، وهي من صفات الأنبياء، ومن اقتدى بهم من الدعاة المصلحين.

والأنبياء لم يتركوا شيئًا من الدنيا لأتباعهم إلا هذا العلم الذي بذلوه لهم، وهكذا من سار على دربهم.

ومن آثار عمل القلب -من صدق العالم وإخلاصه- توفيق الله له لتعليم الناس ونشر علمه بينهم، وقد أظهر الله لهذه الأمة علماء تستنير بهم الأرض كما تستنير


(١) مناقب الإمام أحمد (٣٧).
(٢) الحافظ، الإمام، الحجة، المعمر، مسند العصر، أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، وصنف كتاب معجم الصحابة وجوده، وكتاب الجعديات وأتقنه جمع فيه أحاديث شيخه علي بن الجعد، وتوفي رحمه الله سنة (٣١٧ هـ).
ينظر: تاريخ الإسلام (٧/ ٣٢٣)، سير أعلام النبلاء (١٤/ ٤٤١)، الأعلام (٤/ ١١٩).
(٣) مناقب الإمام أحمد (٣٧).
(٤) الإمام، المحدث، الثقة، شيخ الحرم محمد بن إسماعيل بن سالم أبو جعفر الصائغ سكن مكة، وحدث بها. مات رحمه الله سنة (٢٧٦ هـ).
ينظر: تاريخ بغداد (٢/ ٣٦٣)، تهذيب الكمال (٢٤/ ٤٧٥) للمزي، ت: بشار عواد، مؤسسة الرسالة بيروت، ط ١، ١٤٠٠ هـ، سير أعلام النبلاء (١٣/ ١٦١).
(٥) مناقب الإمام أحمد (٣٧).

<<  <   >  >>