للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"والخشوع في الصلاة إنما يحصل بمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين (١) " (٢).

[٥ - ومما يدل على مكانة عمل القلب: أن الله جعل للمؤمنين جنة معجلة في الدنيا قبل جنة الآخرة، وهي ما يجدونه من طمأنينة القلوب التي هي من آثار ذكر الله وتلاوة كتابه وتدبره والعمل به.]

قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨].

ومن العلامات الدالة على الإيمان أن القلوب تأنس بذكر الله وتلاوة كتابه، وتسعد وتفرح وتتلذذ بذلك، فيزول عنها قلقها واضطرابها (٣)، ولا يجد ذلك إلا من أقبل على إصلاح قلبه وطهّره من أسباب فساده.


(١) يشير بذلك إلى حديثي النبي -صلى الله عليه وسلم-:
الأول: «يَا بِلَالُ، أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا». أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة (٤/ ٢٩٦) ح (٤٩٨٥)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢/ ١٣٠٧) ح (٧٨٩٢)، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن أبي داود (٧/ ٣٣٨) ح (٤٩٨٥) "إسناده صحيح".
والثاني: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ». أخرجه أحمد (٢١/ ٤٣٣) ح (١٤٠٣٧) في المسند، ت: شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرين، إشراف: د. عبد الله التركي، مؤسسة الرسالة، ط ١، ١٤٢١ هـ، والنسائي في سننه ت: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، ط ٢، ١٤٠٦ هـ، في كتاب عشرة النساء، باب حب النساء (٧/ ٦١) ح (٣٩٤٠)، والحاكم في المستدرك في كتاب النكاح (٢/ ١٧٤) ح (٢٦٧٦) وصححه ووافقه الذهبي، والمستدرك على الصحيحين للحاكم، ت: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية بيروت، ط ١، ١٤١١ هـ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٥٩٩) ح (٣١٢٤).
(٢) تفسير ابن كثير (٥/ ٤٦١ - ٤٦٢).
ونقل شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٧/ ٢٨) عن مجاهد رحمه الله قوله في معنى الآية: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ٢]: "غض البصر وخفض الجناح، وكان الرجل من العلماء إذا قام إلى الصلاة يهاب الرحمن أن يشذ بصره، أو أن يحدّث نفسه بشيء من أمر الدنيا".
(٣) ينظر: تفسير السعدي (٤١٧).

<<  <   >  >>