للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الآيتين ذكر الله أن خيرية الأمة وفلاحها مرتبط بتحقيق الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

• الدعوة إلى الله من أسباب السلامة من الخسران في الدنيا والآخرة:

قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر].

وفي هذه السورة حدد الله أسباب النجاة من خسارة الدنيا والآخرة، وهي: الإيمان، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على ذلك.

• الدعوة من أعظم الأعمال وأحبها إلى الله تعالى:

عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-: قال -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ خَيْبَرَ (١): «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ»، فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيٌّ؟»، فَقِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ (٢) فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ فَقَالَ: أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ (٣) حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ


(١) وهي بلدة معروفة اليوم، تبعد عن المدينة ١٦٥ كلم شمالًا على طريق الشام، عرفت بهذا الاسم منذ أقدم العصور، وتشتمل على حصون ومزارع ونخل كثير، وقد فتحها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنة سبع للهجرة.
ينظر: معجم البلدان (٢/ ٤٠٩) لياقوت الحموي، دار صادر بيروت، ط ٢، ١٩٩٥ م، ومعجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (١١٨) لعاتق البلادي، دار مكة للنشر مكة، ط ١، ١٤٠٢ هـ، والموسوعة الجغرافية على الشبكة.
(٢) البصق والبزق: هو التفل بالفم، ولا بد أن يكون معه شيء من الريق.
ينظر: لسان العرب (١١/ ٧٧) مادة (تفل).
(٣) أي: تأنَّ ولا تستعجل.
ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٢٢٣)، لسان العرب (١١/ ٢٨٢) مادة (رسل).

<<  <   >  >>