للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث العاشر: نبذ أسباب التفرق والاختلاف]

[توطئة]

إنَّ من المقرر في منهج الأنبياء عليهم السلام في دعوتهم لأممهم التحذير من التفرق والاختلاف، ونبذ أسبابه؛ ولذا جاءت النصوص محذرة من ذلك ومبينة خطره، فقال تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٠٥]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: ١٥٩].

وفي هاتين الآيتين تحذير الأمة من داء التفرق والاختلاف، وقد توعد الله من يقع فيه بالعذاب العظيم والوعيد الشديد؛ لأن التفرق والاختلاف من أعظم أسباب تسلط الأعداء على الأمة، كما في الحديث عَنْ ثَوْبَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ (١)، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا -أَوْ: قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا- حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا» (٢).


(١) أي: مجتمعهم وموضع سلطانهم، ومستقر دعوتهم، وبيضة الدار: وسطها ومعظمها.
ينظر: النهاية في غريب الحديث (١/ ١٧٢).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الفتن، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (٤/ ٢٢١٥) ح (٢٨٨٩).

<<  <   >  >>