للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دل هذا الحديث على أن من أسباب تسلط العدو الخارجي على المسلمين بسبب منهم، وهو التفرق والاختلاف بينهم الذي يؤدي إلى تقاتل بعضهم مع البعض، فحينئذ يتسلط عدوهم عليهم.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ» (١).

وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً، وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَأُ خِلَافَهَا، فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرْتُهُ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، وَقَالَ: «كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا» (٢).

وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ: «اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا (٣).

وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "الخلاف شر" (٤).


(١) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة، والنهي عن منع وهات، وهو الامتناع من أداء حق لزمه، أو طلب ما لا يستحقه (٣/ ١٣٤٠) ح (١٧١٥).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار (٤/ ١٧٥) ح (٣٤٧٦).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها .. (١/ ٣٢٣) ح (٤٣٢).
(٤) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الصلاة بمنى (٣/ ٣٢٨) ح (١٩٦٠)، والحديث بتمامه عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: صَلَّى عُثْمَانُ بمنى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ»، زَادَ، عَنْ حَفْصٍ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا زَادَ مِنْ هَا هُنَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ فَلَوَدِدْتُ أَنْ لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ. قَالَ: الْأَعْمَشُ، فَحَدَّثَنِي مُعَاوِيَةَ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ صَلَّى أَرْبَعًا، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّيْتُ أَرْبَعًا، قَالَ: «الْخِلَافُ شَرٌّ». والأثر عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار (٤/ ٢٦٠) ح (٦٠٧٨) فقال: قال أحمد: وقد روينا بإسناد صحيح عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد في صلاة ابن مسعود أربعًا، وقولهم: ألم يحدثنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى ركعتين وأبا بكر؟ فقال: بلى. ولكن عثمان كان إمامًا، فأخالفه والخلاف شر. وقال عنه الألباني في صحيح أبي داود (٦/ ٢٠٤) ح (١٧١٢): "وهذا إسناد صحيح".

<<  <   >  >>