للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة: حجية السنة في العقيدة ومن ذلك خبر الآحاد، وهذه من القواعد الكبرى في منهج السلف رحمهم الله، تميزوا بها عن كثير من أهل الأهواء والبدع، وما عني أهل السنة بجمع السنة والكلام في متونها وأسانيدها، ونشأة هذا العلم الذي تميزت به الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم، وبذلوا في سبيل ذلك جهودًا منقطعة النظير، كل ذلك إنما كان منهم حفاظًا على المصدر الثاني الذي هو وحي يوحى من الله تعالى، ولم يميزوا بين الأحاديث المتعلقة بالأحكام والأحاديث المتعلقة بالعقائد.

المسألة الرابعة: أن الصحابة أعلم الناس بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالعقيدة؛ لذلك فأقوالهم وتفاسيرهم للنصوص حجة؛ لأنهم -رضي الله عنهم- قد اكتمل فيهم الفهم والمعرفة لأصول الدين التي دل عليها كتاب الله المنزل وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

والصحابة تميزوا في العقيدة وفهمها بعدة ميزات، أهمها:

أ) أنهم شاهدوا التنزيل، وعاشوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتلقى هذا الوحي من ربه الذي ينزل عليه مفرقًا حسب الوقائع والأحداث، فعاصروها جميعًا، واحدة فواحدة، فكيف لا يكونون وهم كذلك أعلم الناس بالتنزيل وأسباب نزوله إن كانت له أسباب، وأعلم الناس بمراد الله ومراد رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟!

وقال ابن القيم رحمه الله عن مكانة ما يراه الصحابة رضوان الله عليهم: "وحقيق بمن كانت آراؤهم بهذه المنزلة أن يكون رأيهم لنا خيرًا من رأينا لأنفسنا، وكيف لا وهو الرأي الصادر من قلوب ممتلئة نورًا وإيمانًا وحكمة وعلمًا ومعرفة وفهمًا عن الله ورسوله ونصيحة للأمة، وقلوبهم على قلب نبيهم، ولا واسطة بينهم وبينه، وهم ينقلون العلم والإيمان من مشكاة النبوة غضًّا طريًّا لم يَشُبْهُ إشكال، ولم يَشُبْهُ خلاف، ولم تدنسه معارضة؟! " (١).


(١) إعلام الموقعين (١/ ٦٤ - ٦٥).

<<  <   >  >>