للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه بقوله: "سل غيري" (١).

وعن أحمد بن محمد المروذي قال: "سأَلتُ أحمد بن حنبل ما لا أُحصي عن أشياء، فيقول فيها: لا أدري" (٢).

ويقول: "ربما مكثتُ في المسألة ثلاث سنين قبل أن أعتقد منها شيئًا" (٣).

فهؤلاء الأئمة العظماء الذين شهد لهم القاصي والداني بسعة العلم والاطلاع إلا أنهم يتورعون عن الفتوى خشية لله، وتجد اليوم طويلب علم لا يبلغ عشر معشار ما بلغ هؤلاء من العلم، يتقحم على الفتوى في النوازل ولا يبالي، وماذاك إلا لنقص العقل والتقوى.

[الفرع الثاني: تعلق القلب بالله وكثرة الذكر والعبادة]

إن القلوب إذا تعلقت بالله وأقبلت عليه بصدق وإخلاص فتح عليها من التوفيق والإعانة ما لا يخطر على بال، وأمدها بقوة عظيمة في العبادة والإقبال عليه، وأنها لتعمل أعمالًا يعجز عنها غيرها، والقوة من الله، وهي قوة القلوب وليست قوة الأبدان، قال تعالى: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: ٥٢]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٩]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله قال: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ


(١) ينظر: مناقب الإمام أحمد (٣٥٨).
(٢) مناقب الإمام أحمد (٣٥٨).
(٣) مناقب الإمام أحمد (٣٥٩).

<<  <   >  >>