للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على دعوته شرًّا وبلاء، ويحرم من نصر الله له، فيصير عائقًا في طريق ظهور الدعوة، منفرًا للناس من اتّباعه، ويفتح الباب لأعداء الدعوة من التسلط عليه.

وما يحصل بين الدعاة الذين يظهرون أنهم على منهج السلف من تنازع وخصام يفرح به الشيطان وحزبه، فذلك ناتج عن غل القلوب بسبب ضعف الإخلاص والخلل في المقاصد.

[٥ - قلب المباحات إلى طاعات]

ومن آثار إخلاص النية أن المباحات تصير طاعات يثاب عليها، قال ابن رجب رحمه الله: "ومتى نوى المؤمن بتناول شهواته المباحة التقوِّي على الطاعة، كانت شهواته له طاعة يثاب عليها، كما قال معاذ بن جبل: إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي (١)، يعني: أنه ينوي بنومه التقوي على القيام في آخر الليل، فيحتسب ثواب نومه كما يحتسب ثواب قيامه" (٢).

ومن ذلك جماع الرجل لزوجته الذي فيه حظ الشهوة والجسد واضح، فيجعله الله عملًا يؤجر عليه: قال -صلى الله عليه وسلم-: «وَفِي بُضْعِ (٣) أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» (٤).

قال النووي رحمه الله: "وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف


(١) ينظر: صحيح البخاري (٥/ ١٦١).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٩٢).
(٣) البضع: الجماع كما قال أهل اللغة.
ينظر: الصحاح (٣/ ١١٨٧)، مقاييس اللغة (١/ ٢٥٥) مادة (بضع).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (٢/ ٦٩٧) ح (١٠٠٦).

<<  <   >  >>