للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع الثاني: قيام الليل]

ومن العبادات التي لها أثر كبير على صلاح القلب القيام بين يدي الله في الليل:

قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٦، ١٧].

وقال تعالى عنهم: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: ١٧، ١٨].

وقيام الليل من الأعمال التي تعين الداعية على القيام بدعوته خير قيام؛ ولهذا فرضه الله على رسوله وعلى الأمة في أول الأمر، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: ١ - ٦]، ثم نسخت فرضيته عن الأمة بآخر سورة المزمل، وبقي مستحبًّا في حقِّها، قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} الآية [المزمل: ٢٠] (١).

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ» (٢).


(١) ينظر: تفسير ابن كثير (٨/ ٢٥٩).
(٢) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات، باب .. (٥/ ٥٥٣) ح (٣٥٤٩) من طريقين الأولى من حديث أبي إدريس عن بلال وقال: "ولا يصح من قبل إسناده"، وقال عن الطريق الثانية التي من حديث أبي إدريس عن أبي أمامة: "وهذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال"، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه في كتاب الصلاة، باب التحريض على قيام الليل إذ هو دأب الصالحين .. (١/ ٥٦٣) ح (١١٣٥)، والحاكم في المستدرك من كتاب صلاة التطوع (١/ ٤٥١) ح (١١٥٦) وصححه وأقره الذهبي، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (١/ ٣٨٧) ح (١٢٢٧).

<<  <   >  >>