للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يشعر بهذه الملاءمة والمنافرة فهو لفقد حسه وموت نفسه" (١).

وذكر رحمه الله في المقابل أثر الجهل على قلب العبد وروحه، فقال: "فإن الجاهل ميت القلب والروح وإن كان حي البدن، فجسده قبر يمشي به على وجه الأرض، قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢]، وقال تعالى: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: ٧٠]، وقال تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: ٨٠]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢].

وشبههم في موت قلوبهم بأهل القبور، فإنهم قد ماتت أرواحهم، وصارت أجسامهم قبورًا لها، فكما أنه لا يسمع أصحاب القبور، كذلك لا يسمع هؤلاء، وإذا كانت الحياة هي الحس والحركة وملزومهما، فهذه القلوب لما لم تحس بالعلم والإيمان، ولم تتحرك له: كانت ميتة حقيقة، وليس هذا تشبيهًا لموتها بموت البدن، بل ذلك موت القلب والروح.

وقد ذكر الإمام أحمد في كتاب الزهد من كلام لقمان، أنه قال لابنه: (يا بني، جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة، كما يحيي الأرض بوابل القطر) (٢) " (٣).


(١) مفتاح دار السعادة (١/ ٨٥).
(٢) أخرجه أحمد في الزهد (٨٩) رقم (٥٥٢) وضع حواشيه: محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية بيروت، ط ١، ١٤٢٠ هـ.
(٣) مدارج السالكين (٣/ ٢٤٥ - ٢٤٦).

<<  <   >  >>