للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» (١).

وهذا الحديث يدل على مكانة محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن العبد لا يؤمن حتى يقدم محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على كل أحد سوى الله تعالى.

ثالثًا: أقوال العلماء في المحبة:

وذكر ابن رجب رحمه الله عن بعض السلف قولهم: "من عرف الله أحبه، ومن أحبه أطاعه، فإن المحبة تقتضي الطاعة كما قال بعض العارفين: الموافقة في جميع الأحوال" (٢).

وقال ابن القيم رحمه الله: "المحبّة هي حياة القلوب وغذاء الأرواح، وليس للقلب لذّة، ولا نعيم، ولا فلاح، ولا حياة إلّا بها.

وإذا فقدها القلب كان ألمه أعظم من ألم العين إذا فقدت نورها، والأذن إذا فقدت سمعها، والأنف إذا فقد شمّه، واللّسان إذا فقد نطقه، بل فساد القلب إذا خلا من محبّة فاطره وبارئه وإلهه الحقّ أعظم من فساد البدن إذا خلا من الرّوح، وهذا الأمر لا يصدّق به إلّا من فيه حياة" (٣).

وقال أيضًا: "المحبّ الصّادق لا بدّ أن يقارنه أحيانًا فرح بمحبوبه، ويشتدّ فرحه به، ويرى مواقع لطفه به، وبرّه به، وإحسانه إليه، وحسن دفاعه عنه، والتّلطّف في إيصاله المنافع والمسارّ والمبارّ إليه بكلّ طريق، ودفع المضارّ والمكاره عنه بكلّ طريق" (٤).


(١) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان (١/ ١٢) ح (١٥)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١/ ٦٧) ح (٤٤).
(٢) فتح الباري لابن رجب (١/ ٥١ - ٥٢).
(٣) الجواب الكافي (١/ ٥٤٥ - ٥٤٦).
(٤) مدارج السالكين (٢/ ٣٣٩ - ٣٤٠).

<<  <   >  >>