للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني: من آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية في دعوته]

[توطئة]

ولقد وفقني الله تعالى -وله الحمد والمنة- في الفصل السابق لذكر آثار تحقيق أعمال القلوب على الداعية في نفسه، وهذه الآثار التي يجدها الداعية إلى الله تعالى في نفسه يمتد أثرها على دعوته، فإن من آثار ذلك عليه في دعوته أن يرزقه الله السير في دعوته على منهج الأنبياء، ويهديه ويعينه على ذلك، إذا جاهد نفسه لله من أجل صلاح قلبه، فإن الله يهديه لذلك، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٩]، وكما قال -سبحانه وتعالى- في خطابه لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، ومن ثَمّ لأتباع منهجه في الدعوة: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠].

والمقصود بـ {أُولَئِكَ} في الآية هم الأنبياء الذين سبقوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي اختاره ابن جرير رحمه الله، حيث يقول في تفسيره لهذه الآية: "يقول تعالى ذكره: {أُولَئِكَ} هؤلاء القوم الذين وكلنا بآياتنا وليسوا بها بكافرين هم الذين هداهم الله لدينه الحق، وحفظ ما وكلوا بحفظه من آيات كتابه، والقيام بحدوده، واتباع حلاله وحرامه، والعمل بما فيه من أمر الله، والانتهاء عما فيه من نهيه، فوفقهم -جل ثناؤه- لذلك، {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} يقول تعالى ذكره: فبالعمل الذي عملوا، والمنهاج الذي سلكوا، وبالهدى الذي هديناهم، والتوفيق الذي وفقناهم، اقتده يا محمد، أي: فاعمل وخذ به واسلكه، فإنه عمل لله فيه رضًا، ومنهاج من سلكه اهتدى.

<<  <   >  >>