للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس: الهزيمة النفسية (١)

من آثار الخلل في الإيمان وأعمال القلب: ضعف العزة بالإسلام والوقوع في الهزيمة النفسية، وهي: شعور المسلم بالضعف والهوان والضعة أمام أعدائه، وشعوره بالعجز عن مجاراتهم، أما التفوق عليهم فلا يخطر له ببال، ويؤدي هذا الشعور إلى ذوبان الشخصية الإسلامية، والتبعية للغرب والتقليد الأعمى؛ مما يجعل المسلم يفقد كل معاني العزة بدينه، فيتفلت من تبعات دينه (٢)، ويقذف في قلبه الوهن الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ثَوْبَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ».

وإذا أصاب هذا الداء العضال الداعية الذي ينبغي أن يسعى في إنقاذ الأمة من هذه الهزيمة النفسية، فإذا حل بقلبه هذا الأمر، يصبح معول هدم في يدي أعداء الإسلام، يضربون به الأمة في مقاتلها، ويصير فتنة لكل مفتون، وينبت في قلبه مرض النفاق وهو لا يشعر، وكم جر هؤلاء على الأمة من بلايا ورزايا، تتجرع الأمة مرارتها في كل زمن يظهرون فيه، وهم الذين خافهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على أمته وحذرها منهم، كما في حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ».


(١) ينظر في هذا الموضوع بتوسع كتاب: المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية، لعبد الله الشبانة، دار طيبة الرياض، ط ٣، ١٤٧١ هـ.
(٢) ينظر: المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية (٤١).

<<  <   >  >>