للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٢ - ١٧٥].

[٣ - كثرة ذكره لله تعالى]

ومما يدل على تعلق القلب بالله كثرة ذكر الله على كل الأحوال، كما قال تعالى عن القلوب التي أحبت الله وتعلقت به: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: ١٩١].

والآية تدل على حال أولي الألباب المحبين لله، في صلاتهم، وفي سائر أحوالهم؛ يدامون على ذكر الله بالقلب واللسان في جميع الأحوال؛ لأن الإنسان قلَّ أن يخلو عن واحد من هذه الحالات الثلاث (١).

وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» (٢).

والحديث يدل على جواز ذكر الله على كل الأحوال وفي كل الأحيان: متطهرًا، ومحدثًا، وجنبًا، وقائمًا، وقاعدًا، ومضطجعًا، وماشيًا، إلا أنه يستثنى من ذلك حال الجلوس على البول والغائط، وحالة الجماع، فإنه يكره ذكر الله في هذه الحالات، والصحيح أن الكراهة كراهة تنزيه وليست كراهة تحريم، فلو ذكر الله في هذه الحالات، فلا إثم عليه (٣)، والله أعلم.

وكثرة ذكر الله على كل الأحوال وفي كل الأحيان، لها أثرها على نفس الداعية، فيجد من طمأنينة القلب والقوة والنشاط ما يعينه على القيام بدعوته خير قيام.


(١) ينظر: تفسير البغوي (٢/ ١٥٢)، وتفسير السعدي (١٦١).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها (١/ ٢٨٢) ح (٣٧٣).
(٣) ينظر: شرح النووي على مسلم (٤/ ٦٥، ٦٨).

<<  <   >  >>