للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: قولهم: إن الإيمان هو ما في القلب من المعرفة والتصديق فقط دون الأعمال:

ويرد عليهم بأن هذا مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة بأن الإيمان اعتقاد القلب وعمله، وقول باللسان، وعمل بالجوارح (١).

وقد مرت الأدلة في أول المبحث على إثبات ذلك وذكر إجماع الأمة عليه (٢)، وهذه الأدلة الكثيرة في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- التي حفلت بها دواوين السنة، وكذلك أقوال السلف رحمهم الله في الرد على هذه الشبهة، بعض ذلك يكفي من يريد الحق في بطلان هذا القول، فكيف وقد اجتمع هذا الحشد من الأدلة وأقوال السلف في فهمها وإجماعهم على ذلك؟! قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: ٤١].

ثانيًا: وهؤلاء جميعًا (٣) وقعوا في الانحراف في مسمى الإيمان بسبب شبهة اشتركوا فيها جميعًا، وهي أن الإيمان شيء واحد لا يتبعّض ولا يتجزأ، إما يبقى كله أو يذهب كله، وأنه لا يمكن أن يجتمع في الإنسان إيمان وكفر (٤).

قال شيخ الإسلام في بيان سبب نزاع هذه الفرق والرد عليها: "وأصل نزاع هذه الفرق في الإيمان من الخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية وغيرهم أنهم جعلوا الإيمان شيئًا واحدًا إذا زال بعضه زال جميعه، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه، فلم يقولوا بذهاب بعضه وبقاء بعضه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» (٥) " (٦).


(١) ينظر: موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة (٧٠٧).
(٢) ينظر: ص (١٠٨).
(٣) أي: الخوارج والمعتزلة، وفرق المرجئة.
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى (٧/ ٤٠٤).
(٥) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال (١/ ١٣) ح (٢٢).
(٦) مجموع الفتاوى (٧/ ٥١٠).

<<  <   >  >>