للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرد أيضًا على هذه الشبهة بقول إمامين عظيمين من أئمة السنة:

الرد الأول: بعث الإمام أحمد رحمه الله بجواب إلى أبي عبد الرحيم الجوزجاني (١) بخراسان فيه ردود على المرجئة، ومن ضمن الردود: "وأما من زعم أن الإيمان الإقرار، فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار؟ وهل يحتاج إلى أن يكون مصدقًا بما أقر، وهل يحتاج أن يكون مصدقًا بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار فقد زعم أنه من شيئين، وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقرًّا ومصدقًا بما عرف فهو من ثلاثة أشياء، فإن جحد وقال: لا يحتاج إلى المعرفة والتصديق فقد قال عظيمًا، فكذلك العمل مع هذه الأشياء" (٢).

الرد الثاني: قال الإمام أبو ثور (٣) رحمه الله في رده على المرجئة في تفنيد شبهة أن الإيمان لا يتجزأ: "فأما الطائفة التي زعمت أن العمل ليس من الإيمان، فيقال لهم: ما أراد الله -عز وجل- من العباد إذ قال لهم: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] إلا إقرارًا بذلك، أو الإقرار والعمل؟


(١) محمد بن أحمد بن الجرّاح أبو عبد الرّحيم الجوزجانيّ، وكان ثقة عالِمًا صاحب سنة، تفقّه بأحمد بن حنبل، وكان جليل القدر، واسع العلم كثير الحديث، توفي رحمه الله سنة (٢٤٥ هـ).
ينظر: طبقات الحنابلة (١/ ٢٦٢) لابن أبي يعلى، ت: محمد حامد الفقي، دار المعرفة بيروت، تاريخ الإسلام (١٨/ ٤٠٧)، تهذيب التهذيب (٩/ ٢٠).
(٢) السنة للخلال (٤/ ٢٤ - ٢٥) ت: د. عطية الزهراني، دار الراية الرياض، ط ١، ١٤١٠ هـ، مجموع الفتاوى (٧/ ٣٩٠ - ٣٩٢).
(٣) الإمام الحافظ الحجة المجتهد إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي البغدادي الفقيه مفتي العراق. قال أبو بكر الأعين: سألت أحمد بن حنبل عنه فقال: أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة، وهو عندي في مسلاخ سفيان الثوري، وقال ابن حبان: كان أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلًا، صنف الكتب، وفرّع على السنن، وذب عنها رحمه الله تعالى، وتوفي سنة (٢٤٠ هـ).
ينظر: الثقات لابن حبان (٨/ ٧٤)، تاريخ بغداد (٦/ ٥٧٦)، سير أعلام النبلاء (١٢/ ٧٢).

<<  <   >  >>