للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قالت: إن الله أراد الإقرار ولم يرد العمل، فقد كفرت عند أهل العلم، من قال: إن الله لم يرد من العباد أن يصلوا ولا يؤتوا الزكاة؟

فإن قالت: أراد منهم الإقرار والعمل.

قيل: فإذا أراد منهم الأمرين جميعًا لم زعمتم أنه يكون مؤمنًا بأحدهما دون الآخر وقد أرادهما جميعًا؟!

أرأيتم لو أن رجلًا قال: أعمل جميع ما أمر الله ولا أقر به، أيكون مؤمنًا؟

فإن قالوا: لا، قيل لهم: فإن قال: أقر بجميع ما أمر الله به ولا أعمل منه شيئًا أيكون مؤمنًا؟

فإن قالوا: نعم، قيل لهم: ما الفرق وقد زعمتم أن الله -عز وجل- أراد الأمرين جميعًا، فإن جاز أن يكون بأحدهما مؤمنًا إذا ترك الآخر، جاز أن يكون بالآخر إذا عمل ولم يقر مؤمنًا، لا فرق بين ذلك" (١).

وعلق شيخ الإسلام على كلام الإمامين بقوله: "قلت: أحمد وأبو ثور وغيرهما من الأئمة كانوا قد عرفوا أصل قول المرجئة، وهو أن الإيمان لا يذهب بعضه ويبقى بعضه؛ فلا يكون إلا شيئًا واحدًا، فلا يكون ذا عدد: اثنين أو ثلاثة، فإنه إذا كان له عدد أمكن ذهاب بعضه وبقاء بعضه، بل لا يكون إلا شيئًا واحدًا؛ ولهذا قالت الجهمية: إنه شيء واحد في القلب، وقالت الكرامية: إنه شيء واحد على اللسان، كل ذلك فرارًا من تبعض الإيمان وتعدده، فلهذا صاروا يناظرونهم بما يدل على أنه ليس شيئًا واحدًا كما قلتم" (٢).


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٤/ ٩٣٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٣٩٣ - ٣٩٤).

<<  <   >  >>