للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة]

[توطئة]

مر في المبحث السابق الكلام عن البصيرة في الدعوة إلى الله وأثرها على الداعية ودعوته، والحكمة لها علاقة وثيقة بالبصيرة لارتباط ما بينهما؛ لأن الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى دليل على البصيرة.

ومن توفيق الله تعالى للداعية الذي اجتهد في تحقيق أعمال القلوب أن يرزقه الله مع البصيرة الحكمة في دعوته، قال تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: ٢٦٩]، قال السعدي رحمه الله: "لما أمر تعالى بهذه الأوامر العظيمة المشتملة على الأسرار والحكم، وكان ذلك لا يحصل لكل أحد، بل لمن منَّ عليه وآتاه الله الحكمة، وهي العلم النافع والعمل الصالح ومعرفة أسرار الشرائع وحكمها، وإن من آتاه الله الحكمة فقد آتاه خيرًا كثيرًا، وأي خير أعظم من خير فيه سعادة الدارين والنجاة من شقاوتهما؟! وفيه التخصيص بهذا الفضل وكونه من ورثة الأنبياء، فكمال العبد متوقف على الحكمة، إذ كماله بتكميل قوتيه العلمية والعملية، فتكميل قوته العلمية بمعرفة الحق ومعرفة المقصود به، وتكميل قوته العملية بالعمل بالخير وترك الشر، وبذلك يتمكن من الإصابة بالقول والعمل وتنزيل الأمور منازلها في نفسه وفي غيره، وبدون ذلك لا يمكنه ذلك" (١).


(١) تفسير السعدي (١١٥).

<<  <   >  >>