للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: الدعوة إلى الله على بصيرة]

[توطئة]

من توفيق الله تعالى للداعية الذي اجتهد في تحقيق أعمال القلوب أن يرزقه الله البصيرة في دعوته، فيجعل الله له نورًا يفتح له به مغاليق القلوب، ويجعل له أثرًا في المدعوين.

ذكر الله تعالى عن نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو يبين منهجه وطريقته في الدعوة إلى الله تعالى، وكذلك من اتبعه، فقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨]، يقول السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: "يقول تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ} للناس {هَذِهِ سَبِيلِي} أي: طريقي التي أدعو إليها، وهي السبيل الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته، المتضمنة للعلم بالحق والعمل به وإيثاره، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} أي: أحث الخلق والعباد إلى الوصول إلى ربهم، وأرغبهم في ذلك وأرهبهم مما يبعدهم عنه. ومع هذا فأنا {عَلَى بَصِيرَةٍ} من ديني، أي: على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية، {وَ} كذلك {مَنِ اتَّبَعَنِي} يدعو إلى الله كما أدعو على بصيرة من أمره. {وَسُبْحَانَ اللَّهِ} عما نسب إليه مما لا يليق بجلاله، أو ينافي كماله، {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} في جميع أموري، بل

<<  <   >  >>