للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الآية تدل على المكانة العظيمة للداعية إلى الله عند ربه -سبحانه وتعالى-.

• مكانة الداعية إلى الله تعالى على بصيرة:

قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨].

يقول السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: "يقول تعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ} للناس: {هَذِهِ سَبِيلِي} أي: طريقي التي أدعو إليها، وهي السبيل الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته، المتضمنة للعلم بالحق والعمل به وإيثاره، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} أي: أحث الخلق والعباد إلى الوصول إلى ربهم، وأرغبهم في ذلك وأرهبهم مما يبعدهم عنه.

ومع هذا فأنا {عَلَى بَصِيرَةٍ} من ديني، أي: على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية.

{و أَنَا} كذلك {مَنِ اتَّبَعَنِي} يدعو إلى الله كما أدعو على بصيرة من أمره.

{وَسُبْحَانَ اللَّهِ} عما نسب إليه مما لا يليق بجلاله، أو ينافي كماله.

{وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} في جميع أموري، بل أعبد الله مخلصًا له الدين" (١).

ولا شك أن اقتفاء منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدعوة إلى الله مع حصول بصيرة الداعية من أسباب فلاحه ونجاحه في دعوته، وتمكنه من تعليم الناس الخير، ومعرفته بأسباب التأثير في المدعوين، وسيأتي مزيد بيان لذلك (٢).


(١) تفسير السعدي (٤٠٦).
(٢) ينظر: (٤٨٥).

<<  <   >  >>