للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أعظم علامة الخذلان أن لا يثبته الله عند الموت، بسبب ذنوب خفية في القلب وسريرة أسرها بينه وبين الله من خطايا القلوب التي لا يعلمها إلا الله، فيختم له بسوء الخاتمة، ويكله الله في هذه اللحظات العظيمة إلى نفسه وشيطانه، فلا يوفق لقول: لا إله إلا الله؛ ولذا ينبغي على الداعية أن يتفقد قلبه ويتوب إلى الله من ذنوب السرائر التي متى ما أصر عليها العبد ولم يتب منها، فإنها تكون سببًا لهلاكه وسوء خاتمته عند الموت، وسيأتي في نهاية هذا المبحث عند ذكر أسباب الخذلان ذكر الأحاديث في خطر الذنوب، يقول الربيع بن خثيم رحمه الله في التحذير من ذنوب السرائر: "السرائرَ السرائرَ اللاتي يخفين من الناس وهن لله بوادٍ، التمسوا دواءهن، وما دواؤهن إلا أن يتوب، ثم لا يعود" (١).

وللخذلان وقلة التوفيق أسباب، منها:

١ - تعلق القلب بغير الله، فإن القلب إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى نفسه، وخذل أعظم الخذلان، يقول ابن القيم رحمه الله: "فأعظم الناس خذلانًا من تعلق بغير الله، فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظم مما حصل له ممن تعلق به، وهو معرض للزوال والفوات، ومثل المتعلق بغير الله كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت" (٢).

٢ - الخلل في النية، يقول ابن القيم رحمه الله: "فأما النية فهي رأس الأمر وعموده وأساسه وأصله الذي عليه يبنى؛ فإنها روح العمل وقائده وسائقه، والعمل تابع لها يبنى عليها، يصح بصحتها ويفسد بفسادها، وبها يستجلب التوفيق، وبعدمها يحصل الخذلان" (٣).


(١) الطبقات الكبرى (٦/ ١٨٥) لابن سعد، ت: إحسان عباس، دار صادر، بيروت ط ١، ١٩٦٨ م، حلية الأولياء (٢/ ١٠٨)، سير أعلام النبلاء (٤/ ٢٥٩).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٤٥٥).
(٣) إعلام الموقعين (٤/ ١٥٢).

<<  <   >  >>