للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أمَّنه منه، وخرج من قلبه اهتمامه به واشتغاله به وفكره فيه، وتجرد الله محبة وخشية وإنابة وتوكلًا واشتغالًا به عن غيره، فيرى أن إعمالَه فكره في أمر عدوه وخوفه منه واشتغاله به من نقص توحيده، وإلا فلو جرد توحيده لكان له فيه شغل شاغل، والله يتولى حفظه والدفع عنه، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا (١)، فإن كان مؤمنًا فالله يدافع عنه ولا بد، وبحسب إيمانه يكون دفاع الله عنه" (٢).

٢ - التوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر، وعلى حسب قوته وكماله يكون انشراح صدر صاحبه، قال تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: ٢٢]، وقال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: ١٢٥]، فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر، والشرك والضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر وانحراجه، ومنها: النور الذي يقذفه الله في قلب العبد، وهو نور الإيمان، فإنه يشرح الصدر ويوسعه ويفرح القلب، فإذا فقد هذا النور من قلب العبد ضاق وحرج، وصار في أضيق سجن وأصعبه (٣).

٣ - يحصل لصاحب التوحيد الهدى والكمال والأمن التّامّ في الدّنيا والآخرة.

قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٢]. قال ابن كثير رحمه الله "أي: هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله


(١) يشير بذلك إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: ٣٨].
(٢) بدائع الفوائد (٢/ ٢٤٥).
(٣) ينظر: زاد المعاد في هدي خير العباد (٢/ ٢٢ - ٢٣) لابن القيم، مؤسسة الرسالة بيروت، مكتبة المنار الكويت، ط ٢٧، ١٤١٥ هـ.

<<  <   >  >>