للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي، ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: "إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة"، ثم قرأ قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] (١).

وقيل لسهل رحمه الله: أي شيء أشد على النفس؟ فقال: "الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب" (٢).

وقال يوسف بن الحسين (٣) رحمه الله: "أعز شيء في الدنيا: الإخلاص. وكم أجتهدُ في إسقاط الرياء عن قلبي! فكأنه ينبت على لون آخر" (٤).

تنبيه: وهذا الكلام -والله أعلم- لأجل حثِّ النفس على الاجتهاد في الإخلاص، إلا أنه قد يصيب من يسمعه باليأس من الإخلاص وأنه غير مقدور عليه، فيضعف الاهتمام به، وهذا ما ينبغي أن ينتبه له الداعية عند حديثه عن أعمال القلوب، وأن يذكِّر الناس بأهميتها، ويرغبهم في أسباب الحصول عليها، وأن الله لا يخيِّب من جاهد وبذل الأسباب الموصلة إليها، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩].


(١) ينظر: حلية الأولياء (٨/ ٩٥)، مدارج السالكين (٢/ ٨٨ - ٨٩) مع بعض التصرف.
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٩٢).
(٣) يوسف بن الحسين بن علي أبو يعقوب الرازي من مشايخ الصوفية، مات سنة (٣٠٤ هـ) رحمه الله.
ينظر: تاريخ بغداد (١٦/ ٤٦٢)، سير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٤٨)، الأعلام للزركلي (٨/ ٢٢٧).
(٤) مدارج السالكين (٢/ ٩٢).

<<  <   >  >>