للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقال -سبحانه وتعالى- مخاطبًا من أسرف على نفسه بالمعاصي: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣].

دلت الآيات على سعة رحمة الله تعالى، مما يفتح باب الرجاء للعبد، ويحدوه إلى التوبة من ذنوبه، وعليه أن يحذر من اليأس والقنوط من رحمة الله.

ومن السنة:

عن أَنَس بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ (١) خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» (٢).

وعنه -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ -أَوْ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ- لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَمْلَأَ خَطَايَاكُمْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتُمُ اللهَ لَغَفَرَ لَكُمْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ -أَوْ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ-، لَوْ لَمْ تُخْطِئُوا لَجَاءَ اللهُ بِقَوْمٍ يُخْطِئُونَ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ اللهَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ» (٣).


(١) "أي: بما يقارب ملأها" النهاية في غريب الحديث (٤/ ٣٤) مادة (قرب).
(٢) أخرجه أحمد (٣٥/ ٣٧٥) ح (٢١٤٧٢) عن أبي ذر -رضي الله عنه-، والترمذي واللفظ له في أبواب الدعوات، باب .. (٥/ ٥٤٨) ح (٣٥٤٠) من حديث أنس -رضي الله عنه- وقال: "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه"، والحاكم في المستدرك في كتاب التوبة والإنابة بلفظ مقارب عن أبي ذر -رضي الله عنه- (٤/ ٢٦٩) ح (٧٦٠٥) وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١/ ٢٥٠) ح (١٢٧)، وحسنه محقق المسند (٣٥/ ٣٧٥) ح (٢١٤٧٢).
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٢١/ ١٤٦) ح (١٣٤٩٣)، ومسند أبي يعلى (٧/ ٢٢٦) ح (٤٢٢٦)، وقال في مجمع الزوائد في كتاب التوبة، باب منه في سعة رحمة الله ومغفرته للذنوب .. (١٠/ ٢١٥) ح (١٧٦٢٤): "رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجاله ثقات"، وقال محقق المسند (٢١/ ١٤٦) ح (١٣٤٩٣): "صحيح لغيره".

<<  <   >  >>