للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتوكله ودعاءه إلى وجع يمكن مداواته بأدنى شيء، أو جوع يمكن زواله بنصف رغيف، أو نصف درهم، ويدع صرفه إلى نصرة الدين، وقمع المبتدعين، وزيادة الإيمان، ومصالح المسلمين. والله أعلم" (١).

وهذا منهج دقيق في فهم توكل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه سطره ابن القيم فقال رحمه الله: "فحال النبي -صلى الله عليه وسلم- وحال أصحابه محك الأحوال وميزانها، بها يعلم صحيحها من سقيمها، فإن هممهم كانت في التوكل أعلى من همم من بعدهم، فإن توكلهم كان في فتح بصائر القلوب، وأن يعبد الله في جميع البلاد، وأن يوحده جميع العباد، وأن تشرق شموس الدين الحق على قلوب العباد، فملؤوا بذلك التوكل القلوب هدى وإيمانًا، وفتحوا بلاد الكفر وجعلوها دار إيمان، وهبت رياح روح نسمات التوكل على قلوب أتباعهم فملأتها يقينًا وإيمانًا، فكانت همم الصحابة -رضي الله عنهم- أعلى وأجل من أن يصرف أحدهم قوة توكله واعتماده على الله في شيء يحصل بأدنى حيلة وسعي، فيجعله نصب عينيه، ويحمل عليه قوى توكله" (٢).

ويقول ابن القيم أيضًا: "التوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم، وهو من أقوى الأسباب في ذلك، فإن الله حسبه، أي: كافيه، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه" (٣).


(١) مدارج السالكين (٢/ ١٢٥).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ١٣٥).
(٣) التفسير القيم (٦٤٩) لابن القيم ت: مكتب الدراسات والبحوث بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان، دار ومكتبة الهلال بيروت، ط ١، ١٤١٠ هـ.

<<  <   >  >>