للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توطئة:

حسن السمت من أخلاق الأنبياء والصالحين، يدل على كمال الإيمان، وله الأثر الكبير في قلوب الناس، وهو مدعاة لمحبة الناس للمتَّصف به، وإقبالهم عليه، وحسن الاقتداء به، وغالبًا ما يدل على صفاء القلب ونقاء السريرة، ويكسب المرء هيبة ووقارًا، ووجاهة ومنزلة في قلوب الخلق (١).

ويعني حسن السمت: "حسن المظهر الخارجيّ للإنسان من طريقة الحديث والصّمت، والحركة والسّكون والدّخول والخروج والسّيرة العمليّة في النّاس، بحيث يستطيع من يراه أو يسمعه أن ينسبه لأهل الخير والصّلاح والدّيانة والفلاح" (٢).

عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ وَالِاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» (٣).

قال الخطابي رحمه الله في معنى هذا الحديث: "يريد أن هذه الخلال من شمائل الأنبياء صلوات الله عليهم، ومن الخصال المعدودة من خصالهم، وأنها جزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا بهم فيها وتابعوهم عليها، وليس معنى الحديث أن النبوة تتجزأ، ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة مكتسبة ولا مجتلبة بالأسباب، وإنما هي كرامة من الله سبحانه وخصوصية لمن أراد إكرامه بها من عباده، والله يعلم حيث يجعل رسالاته، وقد انقطعت النبوة بموت محمد -صلى الله عليه وسلم- " (٤).


(١) ينظر: الإيناس في فتح قلوب الناس (١/ ١٩٩) للدكتور سيد العفاني، دار العفاني القاهرة، ط ١، ١٤٣٦ هـ.
(٢) نضرة النعيم (٥/ ١٥٨٨).
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ٤٣١) ح (٢٦٩٨) وأبو داود في كتاب الأدب، باب في الوقار (٤/ ٢٤٧) ح (٤٧٧٦)، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (١٠/ ٥٠٩)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٤٠١) ح (١٩٩٣)، وقال الأرناؤوط في تعليقه على سنن ابن ماجه (٥/ ٥٦): "وهو حديث قوي".
(٤) معالم السنن (٤/ ١٠٦ - ١٠٧).

<<  <   >  >>