للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقلوبنا بعد لازمة للحق" (١).

وينقل الإمام الذهبي عن محمد بن إبراهيم البوشنجي (٢) قوله: "جعلوا يذاكرون أبا عبد الله في التُّقية (٣) وما روي فيها، فقال: كيف تصنعون بحديث خباب: «إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يُنْشَرُ أَحَدُهُمْ بِالمِنْشَارِ، لَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِيْنِهِ»؟! (٤)، فأيسنا منه" (٥).

وقال: "لست أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلا واحد، ولا قتلًا بالسيف، إنما أخاف فتنة السوط، فسمعه بعض أهل الحبس، فقال: لا عليك يا أبا عبد الله، فما هو إلا سوطان، ثم لا تدري أين يقع الباقي، فكأنه سُرِّي عنه" (٦).

يقول الذهبي: قال ابن أبي دؤاد (٧): "ما رأيت أحدًا أشدَّ قلبًا من هذا -يعني: أحمد-، جعلنا نكلمه، وجعل الخليفة يكلمه، يسميه مرة ويكنيه مرة، وهو يقول: يا


(١) سير أعلام النبلاء (١١/ ٢٣٨)
(٢) الإمام، العلامة، الحافظ، ذو الفنون، محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي العبديّ، شيخ أهل الحديث في زمانه، بنيسابور. مات رحمه الله سنة (٢٩١ هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء (١٣/ ٥٨١)، تهذيب التهذيب (٩/ ٨)، الأعلام (٥/ ٢٩٤).
(٣) وهي أن يظهر الإنسان خلاف ما يعتقد وقاية لنفسه من الأذى.
ينظر: النهاية في غريب الحديث (١/ ١٩٣)، لسان العرب (١٥/ ٤٠٤)، معجم لغة الفقهاء (١٤٢) مادة (وقى).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (٤/ ٢٠١) ح (٣٦١٢).
(٥) سير أعلام النبلاء (١١/ ٢٣٩).
(٦) سير أعلام النبلاء (١١/ ٢٤٠).
(٧) أحمد بن أبي دؤاد بن حريز أبو عبد الله القاضي المعتزلي، كان رأسًا في فتنة القول بخلق القرآن، وشجع الخليفة على امتحان الناس، وكان له الدور الأكبر في فتنة الإمام أحمد على القول بخلق القرآن والأمر بضربه وحبسه، وقد نصر الله الإمام أحمد وثبته على الحق، وكانت وفاته (٢٤٠ هـ).
ينظر في ترجمته: تاريخ بغداد (٥/ ٢٣٣) البداية والنهاية (١٤/ ٣٦٢).

<<  <   >  >>