للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسابقة سلمان عرج به دليل التوفيق عن طريق آبائه في التمجُّس (١)، فأقبل يناظر أباه في دين الشرك، فلما علاه بالحجة لم يكن له جوابٌ إلا القيد، وهذا جواب يتداوله أهل الباطل … وبه أجاب فرعونُ موسى: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء: ٢٩]، وبه أجاب الجهمية الإمام أحمد لما عرضوه على السِّياط، وبه أجاب أهل البدع شيخَ الإسلام حين استودعوه السجن" (٢).

وعلق العلامة بكر أبو زيد بقوله: "إن عالِمًا يفتح الله عليه بميراث علم النبوة، وينظر في واقع الحياة فيرى من ظلمات الإعراض عن الوحي والتنزيل ما الله به عليم: حلولية (٣)، اتحادية (٤)، طرقية (٥) بدعية، جهمية، معتزلة، أشاعرة، مقلدة متعصبة، وكل يرى أن ما هو عليه هو الحق، ثم يأتي حامل الضياء، فيكاسر هؤلاء وهؤلاء، لا شك سيكون له خصوم وخصوم؛ مما أدى إلى سجنه تارة، والترسيم عليه تارة، ومناظرته تارة، وإذايته بالمحن الأخرى تارة أخرى، وإغراء السفهاء، وتسليط الدهماء (٦)، وهكذا من صنوف الأذى، ومن كل ذلك قد نال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.

ومن نظر في سِيَر المصلحين وما أُلِّف من كتب مفردةٍ في إذايتهم مثل كتاب


(١) هم المجوس القائلون بالنور والظلمة، والنور مصدر الخير والظلمة مصدر الشر فأثبتوا إلهين، ولهم فرق كثيرة وهم عبدة النار، ويتبركون بأبوال البقر، ويستحلون فروج الأمهات.
ينظر: تلبيس إبليس (٦٩) لابن الجوزي، دار الفكر لبنان، ط ١، ١٤٢١ هـ، الملل والنحل (٢/ ٣٨).
(٢) الفوائد (٤٠) لابن القيم، دار الكتب العلمية بيروت، ط ٢، ١٣٩٣ هـ.
(٣) سبق تعريف الحلول ص (١١٨).
(٤) اتحاد الخالق بالمخلوق بمعنى: اتحاد ذاتين اتحادًا معنويًّا مع تغايرهما ماديًّا، ويبقى الخالق خالقًا والمخلوق مخلوقًا، فكل منهما متميز عن الآخر وإن لم يكن منفصلًا عنه. تعالى الله عما يقول هؤلاء الضالون علوًّا كبيرًا.
ينظر: نظرية الاتصال عند الصوفية في ضوء الإسلام (٣٥).
(٥) ويقصد بها الطرق الصوفية المتنوعة.
(٦) الجماعة الكثيرة والمقصود عامة الناس.
ينظر: المعجم الوسيط (١/ ٣٠٠)، معجم اللغة العربية المعاصرة (١/ ٧٧٨) مادة (دهم).

<<  <   >  >>