للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض الفاسدين كادوا أن يقتلوه لولا أن حماه الله ببعض جيران الشيخ، لما رأوهم يتسورون عليه يريدون قتله، فصاحوا بهم ففروا، فاضطر الشيخ إلى الخروج إلى بلدة العيينة (١).

ولما نزل الشيخ على ابن معمر أمير العيينة ورحب به وبدعوته قام الشيخ بما يجب عليه من إنكار المنكر بلسانه ويده، وإزالة مظاهر الشرك، وتعاون معه على ذلك ابن معمر، ولما ظهر أمره سعى أعداؤه إلى تأليب الحكام عليه، فأرسل حاكم الأحساء الذي كان يتبع له ابن معمر أن يقتل الشيخ أو يخرجه من العيينة، وهدده بقطع المعونة عنه، فرضخ ابن معمر له، وأمر الشيخ بالخروج، كما سبقت الإشارة إلى ذلك (٢)، فخرج الشيخ وحيدًا فريدًا لا يملك من الدنيا شيئًا إلا مروحة خوص (٣) في يده، وفي قلبه ثقة بموعود الله ونصره له، قوي ثابت على مبدئه، يبحث عن مكان آخر ينشر فيه دعوته، لسانه لا يفتر عن ذكر الله والابتهال إليه أن يجعل له مخرجًا وفرجًا لدعوته (٤).

وفي هذه المواقف الصعبة التي يسقط فيها أصحاب القلوب الضعيفة، وفي المقابل يظهر أثر عمل القلب في ثبات العبد على الحق والصبر على الأذى في سبيل الله، مع اليقين التام بنصر الله وظهور الحق، وهذا ما كان عليه الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فكلّما سُدَّ في وجهه باب فتح الله له بابًا آخر، على رغم ما يواجهه من حرب من القريب والبعيد، وما زاده ذلك إلا إصرارًا على القيام بالدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك أينما حل ورحل، وما ذلك إلا من توفيق الله له.


(١) ينظر: عنوان المجد (١/ ٣٧ - ٣٨).
(٢) ينظر: ص (٣١٤).
(٣) الخوص: ورق النخل.
ينظر: الصحاح (٣/ ١٠٣٨) مادة (خوص)، ومروحة الخوص تصنع باليد من ورق النخل لأجل جلب الهواء على الوجه عند تحريكها باليد.
(٤) ينظر: عنوان المجد (١/ ٣٨ - ٤٠).

<<  <   >  >>