للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ذلك إلى وفاته رحمه الله.

- عاش السميط رحمه الله مثالًا حيًّا لأولئك الرجال المخلصين الذين جُبِلوا على بذل الغالي والنفيس من أجل إيصال الخير إلى المسلمين خاصّة وخدمتهم، وكذلك إيصال الخير والنور إلى غير المسلمين، بعيدًا عن الأضواء والشهرة خفيًّا تقيًّا متحملًا من أجل دعوته المشاق والمخاطر والأمراض، لا يطلب لنفسه مجدًا ولا حظًّا من حظوظ الدنيا، وإنما يطلب من الله الذكر والثناء الحسن، ولو أراد المال والشهرة لنال ذلك بأيسر مجهود، فقد حاز أعلى الشهادات في الطب، لكنه ترك ذلك من أجل إنقاذ إخوانه المسلمين في إفريقيا الذين انطمست لديهم معالم دين الإسلام، فصبر على ذلك، وواصل الليل بالنهار دون كلل ولا ملل، يقطع الفيافي، ويصعد الجبال، ويخوض في المستنقعات الخطرة في ديار لا يعرفه فيها إلا الله، يحفر الآبار، ويربي اليتامى، ويواسى الثكالى، ويبني المساجد والمدارس.

يسعى في مناكب إفريقيا لينشر دعوة الإيمان، مرة راكبًا لعدة ساعات في طرق وعرة، ومرة ماشيًا مئات الأميال، يخترق الأدغال الموحشة والخوف والخطر يحيط به، حتى ناله في سبيل دعوته عدد من الأمراض التي أثخنت جسده المنهك إلى آخر حياته، كما تعرض للموت مرات، فحفظه الله وأنجاه، قال تعالى: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: ٦٤] (١).

وكان يتثمل رحمه الله في حياته الدعوية والإغاثية -فيما أحسبه والله حسيبه- حديث ابن عباس رضي الله عنهما سلوكًا عمليًّا حيث يقول -صلى الله عليه وسلم- في وصيته لابن عباس: «احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ


(١) ينظر: عبد الرحمن السميط أسطورة العمل الإغاثي (١١٦) مع بعض التصرف.

<<  <   >  >>