للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال يحيى بنُ معاذ الرازي (١) رحمه الله: "كيف لا أُحِبُّ دنيا قُدِّر لي فيها قوتٌ، أكتسب بها حياةً، أُدركُ بها طاعةً، أنالُ بها الآخرة؟! " (٢).

وقال الحسن البصري رحمه الله: "نعمت الدار كانت الدُّنيا للمؤمن، وذلك أنَّه عمل قليلًا، وأخذ زاده منها إلى الجنَّة، وبئست الدار كانت للكافر والمنافق، وذلك أنَّه ضيَّع لياليه، وكان زادُه منها إلى النار" (٣).

وسئل (٤) أبو صفوان الرعيني (٥): أي شيء الدنيا التي ذمها الله تعالى في القرآن الذي ينبغي للعاقل أن يجتنبها؟ قال: "كلما أصبت فيها تريد به الدنيا فهو مذموم، وكلما أصبت فيها تريد به الآخرة فليس منها" (٦).

وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله: "ليس الزاهد من ألقى هموم الدنيا، واستراح منها، إنما الزاهد من زهد في الدنيا، وتعب فيها للآخرة" (٧).

وعلق ابن رجب رحمه على قول أبي سليمان قائلًا: "فالزهد في الدنيا يراد به


(١) يحيى بن معاذ الرازي الواعظ من كبار المشايخ، له كلام جيد، ومواعظ مشهورة، حكيم أهل زمانه، من كبار الصوفية. توفي رحمه الله سنة (٢٥٨ هـ).
ينظر: تاريخ بغداد (١٦/ ٣٠٦)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ١٥)، الأعلام (٨/ ١٧٢).
(٢) جامع العلوم والحكم (٢/ ١٩٣).
(٣) الزهد لأحمد بن حنبل (٢٣٠).
(٤) وقد سأله أحمد بن أبي الحواري.
ينظر: حلية الأولياء (١٠/ ٥).
(٥) أبو صفوان بن علقمة الرعيني أحد الزهاد العارفين، حكى عن الأوزاعي، ويحيى بن حمزة القاضي، وحكى عنه أحمد بن أبي الحواري.
ينظر: تاريخ دمشق (٦٦/ ٣٠٤)، جامع العلوم والحكم (٢/ ١٩٣).
(٦) حلية الأولياء (١٠/ ٥).
(٧) حلية الأولياء (٩/ ٢٧٣).

<<  <   >  >>