للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيرين- وماراه رجل في شيء، فقال محمد: إني أعلم ما تريد، وأنا أعلم بالمراء منك، ولكني لا أماريك" (١).

وقال الآجري رحمه الله أيضًا في وصاياه القيمة: "ألم تسمع -رحمك الله- إلى ما تقدم ذكرنا له من قول أبي قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم؟! أوَلم تسمع إلى قول الحسن وقد سأله عن مسألة فقال: ألا تناظرني في الدين؟! فقال له الحسن: أما أنا فقد أبصرت ديني، فإن كنت أنت أضللت دينك فالتمسه؟! أوَلم تسمع إلى قول عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضًا للخصومات أكثر التنقل؟! " (٢).

وقال أيضًا معلقًا على تلك الأخبار السابقة من أقوال الأئمة في النهي عن مجالسة أهل الأهواء: "فمن اقتدى بهؤلاء الأئمة سلم له دينه إن شاء الله تعالى، فإن قال قائل: فإن اضطرني في الأمر وقتًا من الأوقات إلى مناظرتهم، وإثبات الحجة عليهم، ألا أناظرهم؟ قيل له: الاضطرار إنما يكون مع إمام له مذهب سوء، فيمتحن الناس ويدعوهم إلى مذهبه، كفعل من مضى في وقت أحمد بن حنبل: ثلاثة خلفاء امتحنوا الناس، ودعوهم إلى مذهبهم السوء، فلم يجد العلماء بدًّا من الذب عن الدين، وأرادوا بذلك معرفة العامة الحق من الباطل، فناظروهم ضرورة لا اختيارًا، فأثبت الله تعالى الحق مع أحمد بن حنبل ومن كان على طريقته، وأذل الله تعالى المعتزلة وفضحهم، وعرفت العامة أن الحق ما كان عليه أحمد ومن تابعه إلى يوم القيامة، أرجو أن يعيذ الله الكريم أهل العلم من أهل السنة والجماعة من محنة تكون أبدًا" (٣).


(١) الشريعة للآجري (١/ ٤٥٣).
(٢) الشريعة للآجري (١/ ٤٥٣).
(٣) الشريعة للآجري (١/ ٤٥٣).

<<  <   >  >>