للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكاسب سياسية أو نحوها، بل يريد وجه الله تعالى والأجر والثواب منه وحده لا شريك له.

فيكون مقصد الداعية: الدعوة إلى الله وحده لا شريك له، لا يدعو لنفسه ولا لجهة أو طائفة معينة، أو لحزب أو لجماعة، بل همه وغايته من دعوته إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولأجل أن تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، ويكون دين الله وشرعه هو الظاهر، وهو المحكّم في الأرض، لا ينتصر لنفسه أو لغيره، إنما ينتصر للمنهج الحق (١).

عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (٢).

والدعوة إلى الله تعالى من أفضل أنواع الجهاد كما قرره ابن القيم، فيقول رحمه الله: "وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو؛ لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا تقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم" (٣).

وعلى هذا فينبغي على الداعية أن يتحرر من المقاصد التي تفسد نيته، ويتجرد من حظوظ النفس، والرغبة فيما عند الناس، ويصبر على ما يلقاه في ذات الله، ولا ينتقم لنفسه، ولا يطلب لنفسه شيئًا من الدنيا وحظوظها.

ذكر شيخ الإسلام رحمه الله كلامًا متينًا رصينًا حول بيان تعلق النفس بالحظوظ


(١) ينظر: فقه مقاصد الدعوة إلى الله تعالى وأثره في حياة الداعية (١٣٣).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا (٤/ ٢٠) ح (٢٨١٠) واللفظ له، ومسلم في كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله (٣/ ١٥١٣) ح (١٩٠٤).
(٣) جلاء الأفهام (٤١٥).

<<  <   >  >>