للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ» (١).

٣ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا -رضي الله عنه- عَلَى اليَمَنِ قَالَ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ» (٢).

قال ابن حجر رحمه الله في ذكر وجه الجمع بين هذه الألفاظ: "ووجه الجمع بينها: أن المراد بالعبادة التوحيد، والمراد بالتوحيد الإقرار بالشهادتين، والإشارة بقوله: «ذَلِكَ» إلى التوحيد، وقوله: «فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ» أي: عرفوا توحيد الله، والمراد بالمعرفة الإقرار والطواعية، فبذلك يجمع بين هذه الألفاظ المختلفة في القصة الواحدة وبالله التوفيق" (٣).

ومما يدل على أهمية الدعوة إلى التوحيد وأن البداءة تكون به أنه حق الله على العبيد كما في حديث معاذ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟» قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَنْ يُعْبَدَ اللهُ وَلَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ»، قَالَ: «أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟» فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَنْ لَا


(١) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا (٢/ ١٢٨) ح (١٤٩٦)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (١/ ٥٠) ح (١٩) واللفظ له.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة (٢/ ١١٩) ح (١٤٥٨)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (١/ ٥١) ح (١٩).
(٣) فتح الباري (١٣/ ٣٥٤).

<<  <   >  >>