للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن علي -رضي الله عنه-: القلوب وحشية، فمن تألفها أقبلت عليه" (١).

يقول الشيخ صالح بن حميد (٢) حفظه الله في تعليقه على قول علي -رضي الله عنه-: "إنه يصورها -رضي الله عنه- وكأنها دواب متوحشة، لا تعرف الألفة في طبعها، ويبدو هذا -والله أعلم- في ميدان النصائح والتوجيهات، فهل رأيت من يرضى أن تنسبه إلى جهل، أو عدم معرفة، أو سوء في التصرف؟!

إن الإنسان يعظم عليه أن ينسب إلى الجهل؛ ولذا تراه يغضب إذا نبه على الخطأ، ويجتهد في مجاهدة الحق بعد معرفته خيفة انكشاف جهله.

إنها في هذا الباب تنفر إذا قرب منها، بل لعلها بدافع الدفاع عن النفس تهجم وتؤذي، ومن كان صاحب حكمة وفطنة في ترويض الوحوش فهو المفلح -بتوفيق الله- في هداية الناس.

وصاحب الترويض الناجح هو الذي يحرص على تلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، وتقصد إلى شيء من العطف على أخطائهم وحماقاتهم .. شيء من العناية -غير المتصنعة- باهتماماتهم وهمومهم. وسوف يصل إلى مصدر النبع الخيّر في نفوسهم، وحينئذ يمنحونه حبهم وثقتهم. إن شيئًا من سعة الصدر والإحاطة بطبائع


(١) ربيع الأبرار ونصوص الأخيار (١/ ٣٧٩) للزمخشري توفي ٥٨٣ هـ، مؤسسة الأعلمي، بيروت، ط ١، ١٤١٢ هـ.
(٢) الشيخ إمام الحرم صالح بن عبد الله بن محمد ابن حميد، ينتهي نسبة إلى قبيلة بني خالد، نشأ وتربى وتعلم على يد والده الإمام العلامة عبد الله ابن حميد، حصل على الدكتوراه في الفقه وأصوله عام ١٤٠٢ هـ، وباشر في إمامة الحرم المكي عام ١٤٠٤ هـ، وعمل في الكثير من مناصب الدولة، وله الكثير من المشاركات الدعوية والعلمية وفي الأعمال الخيرية، وله من المصنفات: أثر تطبيق الشريعة في استتاب الأمن، أدب الخلاف، أصول الحوار وآدابه في الإسلام وغير ذلك.
ينظر: أئمة المسجد الحرام ١٣٣٤ - ١٤٣٦ هـ (٥٧٧)، جمعه: عبد الله العلاف الغامدي، دار الطرفين، ط ٢، ١٤٣٦ هـ.

<<  <   >  >>