للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخير .. ووصفها بالحسن تحريض على أن تكون لينة مقبولة عند الناس" (١).

ولقد جاءت النصوص بالحث على حسن الموعظة، فقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]. يقول ابن القيم رحمه الله: "أطلق الحكمة ولم يقيدها بوصف الحسنة؛ إذ كلها حسنة، ووصف الحسن لها ذاتي، وأما الموعظة فقيدها بوصف الإحسان؛ إذ ليس كل موعظة حسنة" (٢).

وقال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: ٨٣].

وقال تعالى لموسى وهارون لما أرسلهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤]؛ ليكون ذلك منهجًا للدعاة إلى الله تعالى.

ويحسن هنا أن أورد كلامًا سبق ذكره للإمام القرطبي رحمه الله عن القول الحسن مع الناس، فقال عند قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: ٨٣]: "وهذا كله حض على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينًا، ووجهه منبسطًا طلقًا مع البر والفاجر، والسني والمبتدع، من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه؛ لأن الله تعالى قال لموسى وهارون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: ٤٤]، فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون، والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما الله تعالى باللين معه" (٣).


(١) التحرير والتنوير (١٤/ ٣٢٧).
(٢) مدارج السالكين (١/ ٤٤٤).
(٣) تفسير القرطبي (٢/ ١٦).

<<  <   >  >>