للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستبقي شخصًا فيكون قد أحياه، فلما رآه إبراهيم يغالط في مجادلته ويتكلم بشيء لا يصلح أن يكون شبهة فضلًا عن كونه حجة، اطرد معه في الدليل (١)، فقال إبراهيم: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ} أي: عيانًا يقر به كل أحد حتى ذلك الكافر، {فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، وهذا إلزام له بطرد دليله إن كان صادقًا في دعواه، فلما قال له أمرًا لا قوة له في شبهة تشوش دليله، ولا قادحًا يقدح في سبيله، {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} أي: تحير فلم يرجع إليه جوابًا، وانقطعت حجته وسقطت شبهته، وهذه حالة المبطل المعاند الذي يريد أن يقاوم الحق ويغالبه، فإنه مغلوب مقهور، فلذلك قال تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} بل يبقيهم على كفرهم وضلالهم، وهم الذين اختاروا لأنفسهم ذلك، وإلا فلو كان قصدهم الحق والهداية لهداهم إليه، ويسر لهم أسباب الوصول إليه، ففي هذه الآية برهان قاطع على تفرد الرب بالخلق والتدبير، ويلزم من ذلك أن يفرد بالعبادة والإنابة والتوكل عليه في جميع الأحوال" (٢).


(١) أي: بمعنى استمر معه في الاستدلال على ربوبية الله.
(٢) تفسير السعدي (١١١).

<<  <   >  >>