للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا ضحى هذا الغلام بنفسه من أجل دعوة الناس شفقة عليهم وحرصًا على إيصال النور إليهم، فصبر على أن يقتل من أجل دعوتهم إلى الله تعالى، وأقبلوا على الحق بعده، وهو فارق الدنيا شهيدًا في سبيل الله، ولم ير ثمرة دعوته في حياته، لكنه أدى ما عليه أعظم أداء، يكفيه شرفًا عند الله أنه جاد بنفسه من أجل دعوتهم إلى الله، فجزاؤه على الله، وقد لحق به من هداهم الله على يديه شهداء بررة، وخلد الله ذكرهم في كتابه، فقال -سبحانه وتعالى-: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} [البروج: ٤ - ١١].

وهذا على قول بعض المفسرين أن هذه الآيات نزلت في هذا الملك الطاغية وأعوانه، وفي من آمنوا بالغلام، وأحرقوا في الأخدود، وهناك أقوال أخرى في المراد بأصحاب الأخدود (١)، والله أعلم.


(١) ينظر: تفسير الطبري (٢٤/ ٢٧٣)، تفسير البغوي (٨/ ٣٨٣)، تفسير ابن كثير (٨/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>