للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» (١).

قال ابن جرير الطبري رحمه الله: "والصواب أن المراد من الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة"، قال: "وفي الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام، فافترق الناس أحزابًا، فلا يتبع أحدًا في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك؛ خشية من الوقوع في الشر" (٢).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» الحديث (٣).

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما يَرْوِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ» (٤).

ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ (٥) الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الجَمَاعَة» الحديث (٦).


(١) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (٤/ ١٩٩) ح (٣٦٠٦)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر (٣/ ١٤٧٥) ح (١٨٤٧).
(٢) نقله ابن حجر عن الطبري في فتح الباري (١٣/ ٣٧)، ولابن جرير كتاب في الحديث له تعليقات عظيمة عليه، والكتاب مفقود لم يطبع إلا أجزاء يسيرة، ولم أعثر على هذا النقل فيها.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر (٣/ ١٤٧٦) ح (١٨٤٨).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (٩/ ٦٢) ح (٧١٤٣)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة إلى الكفر (٣/ ١٤٧٧) ح (١٨٤٩).
(٥) قال أبو عبيد رحمه الله: "بحبوحة الجنَّة يعني وسط الجنَّة، وبحبوحة كلِّ شيء وسطه وخياره".
ينظر: غريب الحديث (١/ ٤٣٤).
(٦) أخرجه الترمذي من حديث عمر -رضي الله عنه- في أبواب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة (٤/ ٤٦٦) ح (٢١٦٥) وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، ومسند أبي يعلى (١/ ١٣١) ح (١٤١، ١٤٢)، وابن حبان في صحيحه، باب إخباره -صلى الله عليه وسلم- عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، ذكر الإخبار عما يظهر في الناس من المسابقة في الشهادات والأيمان الكاذبة (١٥/ ١٢٢) ح (٦٧٢٨)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٤٩٨) ح (٢٥٤٦)، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لابن حبان (١٥/ ١٢٢) ح (٦٧٢٨): "حديث صحيح"، وقال حسين سليم أسد في تحقيقه لمسند أبي يعلى (١/ ١٣٢) ح (١٤١، ١٤٢): "رجاله ثقات".

<<  <   >  >>