للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستحلون دماء المسلمين وأموالهم، فأما أهل الكبائر فليسوا منهم؛ لأنهم لا يستحلون الكبائر" (١).

وقال ابن كثير رحمه الله: "وقوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} أي: فلما عدلوا عن اتباع الحق مع علمهم به، أزاغ الله قلوبهم عن الهدى، وأسكنها الشك والحيرة والخذلان، كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: ١١٠]، وقال: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥] " (٢).

ويقول السعدي رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}: "وهذه الآية الكريمة تفيد أن إضلال الله لعباده ليس ظلمًا منه، ولا حجة لهم عليه، وإنما ذلك بسبب منهم، فإنهم الذين أغلقوا على أنفسهم باب الهدى بعدما عرفوه، فيجازيهم بعد ذلك بالإضلال والزيغ الذي لا حيلة لهم في دفعه، وتقليب القلوب عقوبة لهم وعدلًا منه بهم، كما قال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: ١١٠] " (٣).

إن خطر اتباع الهوى في كونه يؤدي بصاحبه لاتخاذه إلهًا يعبده، فيصرفه كيف يشاء، ويظن أنه على الهدى وهو يعبد الهوى، وزين له الشيطان ذلك، كما قال


(١) تفسير البغوي (٦/ ٤١٣).
(٢) تفسير ابن كثير (٨/ ١٠٩).
(٣) تفسير السعدي (٨٥٨).

<<  <   >  >>