ولا يخطئ، وهو لا يحسن يصلي، {وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} ساهون عنها جاهلون بها، لا يتفكرون فيها ولا يعملون لها" (١).
وذكر السعدي في معنى هذه الآية كلامًا نفيسًا، فقال رحمه الله: "وهؤلاء الذين لا يعلمون أي: لا يعلمون بواطن الأشياء وعواقبها، وإنما {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، فينظرون إلى الأسباب، ويجزمون بوقوع الأمر الذي في رأيهم انعقدت أسباب وجوده، ويتيقنون عدم الأمر الذي لم يشاهدوا له من الأسباب المقتضية لوجوده شيئًا، فهم واقفون مع الأسباب غير ناظرين إلى مسببها المتصرف فيها.
{وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} قد توجهت قلوبهم وأهواؤهم وإراداتهم إلى الدنيا وشهواتها وحطامها، فعملت لها وسعت، وأقبلت بها وأدبرت، وغفلت عن الآخرة، فلا الجنة تشتاق إليها، ولا النار تخافها وتخشاها، ولا المقام بين يدي الله ولقائه يروعها ويزعجها، وهذا علامة الشقاء وعنوان الغفلة عن الآخرة.
ومن العجب أن هذا القسم من الناس قد بلغت بكثير منهم الفطنة والذكاء في ظاهر الدنيا إلى أمر يحير العقول ويدهش الألباب.
وأظهروا من العجائب الذرية والكهربائية والمراكب البرية والبحرية والهوائية ما فاقوا به وبرزوا، وأعجبوا بعقولهم، ورأوا غيرهم عاجزًا عما أقدرهم الله عليه، فنظروا إليهم بعين الاحتقار والازدراء، وهم مع ذلك أبلد الناس في أمر دينهم، وأشدهم غفلة عن آخرتهم، وأقلهم معرفة بالعواقب، قد رآهم أهل البصائر النافذة في جهلهم يتخبطون، وفي ضلالهم يعمهون، وفي باطلهم يتردَّدون، نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أولئك هم الفاسقون.
ثم نظروا إلى ما أعطاهم الله وأقدرهم عليه من الأفكار الدقيقة في الدنيا وظاهرها