للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: ٣٣ - ٣٦].

ووقوع من يدعو إلى الله في القول السيّئ والسب والفحش في القول ليس من منهج الأنبياء، ولهذا جاء في السنة في بيان خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفي هذه الصفات عنه، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا» (١).

وعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاحِشًا، وَلَا لَعَّانًا، وَلَا سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْمَعْتَبَةِ (٢): «مَا لَهُ؟! تَرِبَ جَبِينُهُ» (٣).

ومما يدل على قبح هذه الصفات أن الله لا يحبها، ولا يحب لعبده أن يتصف بها، فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّش» (٤).

والفحش هو القبيح من القول والفعل (٥).


(١) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- (٤/ ١٨٩) ح (٣٥٥٩)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب في كثرة حيائه -صلى الله عليه وسلم- (٤/ ١٨١٠) ح (٢٣٢١).
(٢) هو الذي يعاتب صديقه إشفاقًا عليه ونصيحة له.
ينظر: لسان العرب (١/ ٥٧٧) مادة (عتب).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما ينهى من السباب واللعن (٨/ ١٥) ح (٦٠٤٦).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم (٤/ ١٧٠٧) ح (٢١٦٥).
(٥) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٤/ ١٤٧).

<<  <   >  >>