للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - وكذلك يدل على عظم عمل القلب أن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، سبب حصولهم على ذلك ما وقر في قلوبهم من أعمال قلبية عظيمة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» (١).

٧ - وتبرز مكانة عمل القلب وأثره في الحياة أن السعادة مرتبطة بتعلق القلب بالآخرة، فمن جعل همه الآخرة، وسعى لها سعيها وهو مؤمن، رزقه الله السعادة بالقناعة والرضا بما قسم الله له، وفتح له أبواب الرزق والبركة من حيث لا يحتسب، ومن جعل همه الدنيا ضاقت عليه الدنيا، وتشعبت همومه في أوديتها، وسيطر على قلبه الطمع في الدنيا، ونزع الله البركة منه: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ» (٢).


(١) أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد (١/ ١٣٣) ح (٦٦٠)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة (٢/ ٧١٥) ح (١٠٣١).
(٢) أخرجه الترمذي في أبواب صفة القيامة والرقائق والورع، باب .. (٤/ ٦٤٢) ح (٢٤٦٥)، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٢٦٦) ح (١١٦٩٠) ت: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية القاهرة، ط ٢، ويشمل القطعة التي نشرها لاحقا المحقق الشيخ حمدي السلفي من المجلد ١٣، دار الصميعي الرياض، ط ١، ١٤١٥ هـ، وذكره الألباني في السلسة الصحيحة (٢/ ٦٣٣) ح (٩٤٩)، وصححه في صحيح الجامع (٢/ ١١٠٩) ح (٦٥٠٥).
وأخرجه ابن ماجه بلفظ: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» من حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه- في كتاب الزهد، باب الهم بالدنيا (٢/ ١٣٧٥) ح (٤١٠٥)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢/ ٦٣٤) ح (٩٥٠)، وصححه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه (٥/ ٢٢٧) ح (٤١٠٥).

<<  <   >  >>