للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألبتَّةَ، فإنَّ السياسةَ نوعانِ: سياسةٌ ظالمةٌ، فالشريعةُ تحرِّمُها، وسياسةٌ عادلةٌ تُخرِجُ الحقَّ من الظالم الفاجر، فهي من الشريعة عَلِمَها من عَلِمَها، وخَفِيتْ على من خَفِيتْ عنه.

ولا تْنسَ في هذا الموضع قولَ سليمانَ نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - للمرأتين اللتين ادَّعتا الوَلَدَ فحكم به داودُ للكبرى، فقال سليمانُ: "ايتونِي بالسِّكّينِ أشُقَّهَ بينهما، فقالت الصُّغرى: لا تَفعلْ هو ابْنُها، فقَضَى به للصُّغْرَى" (١)، لِمَا دلَّ عليه امتناعها من رحمة الأم، ودلَّ رضى الكبرى بذلك على الاسترواح إلى التأسِّي بمساواتها في فقد الولد.

وكذلك قول الشاهد من أهل امرأة العزيز: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: ٢٦] {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: ٢٧] فذكر الله تعالى ذلك مقرِّرًا له غيرَ منكر على قائله، بل رتَّبَ عليه العلمَ ببراءة يوسف -عليه السلام- وكذِب المرأة عليه.

وقد أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الزُّبَيْر أن يُقَرِّرَ ابني أبي الحُقَيق بالتَّعذيب على إخراج الكنز، فعذَّبهما حتى أقرَّا به (٢).

ومن ذلك قول عليٍّ للظَّعينة التي حملت كتاب حاطب وأنكرَتْهُ، فعال لها: لَتُخْرِجِنَّ الكِتابَ أو لَنُجَرِّدَنَّكِ (٣).


(١) أخرجه البخاري رقم (٣٤٢٧)، ومسلم رقم (١٧٢٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه أبو داود رقم (٣٠٠٦) مختصرًا، والبيهقي: (٩/ ١٣٧) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-.
(٣) أخرجه البخاري رقم (٣٠٠٧)، ومسلم رقم (٢٤٩٤) من حديث علي -رضي الله عنه-.