للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ثابتٌ عن خمسة من الصحابة منهم عمرُ وعليٌّ (١).

قال أحمد: أيّ شيء يذهب من خالَفَهُمْ؟ فهذا القرآن والسُّنَّة وأقوال الخلفاء لرَّاشدين دالَّةٌ على تقويمه، ولو لم يكنْ له قيمةٌ لما صحَّ بذلُ نفائس الأموال فيه، بل قيمتُه عند الناس من أغلى القيم، ورغبتهم فيه من أقوى الرَّغَبات، وخروجه عن الرجل (ظ / ١٩٠ أ) من أعظم المغارم، حتى يعده غرْمًا أعظمَ من غرم المال.

قلت لشيخنا: لو كان خروجُه من ملْكه متقوِّمًا عليه لكانت المرأةُ إذا وطِئَتْ بشُبهة يكون المهرُ للزوج (ق/٢٧٢ أ) دونَها، فحيث كان المهرُ لها دلَّ على أن الزوج لم يملك البُضع، وإنما مَلَكَ الاستمتاعَ، فإذا خرج البُضع عنه لم يخْرُجْ عنه شيءٌ كان مالِكَهُ.

فقال لى: الزوجُ إنما ملَكَ البُضْعَ يستمتعَ به، لم يملكه ليُعَاوَضَ عليه، فإذا حصلَ لها بِوطْءِ الشُّبهة عِوَضٌ كان لها، لأن عقد النكاح لم يقتض (٢) ملكَ الزوج المعاوضةَ عن بُضْعِ امرأتِهِ، فصار ما يحصل لها بجناية الواطئ بمثابة ما يحصل لها بغيره من أُروش الجِنَايات.

قلت له: فما تقولُ في خُلْع المريض بدون مهر المثل؟

فقال: هو يملكُ إخراجَ البُضْع مجانًا بالطَّلاق، فإذا أخَذَ منها شيئًا فقد زاد الوَرَثّةَ خيرًا، قال: ونحن إنما منعناه من المُحاباة فيما ينتقلُ إلى الوَرَثة؛ لأنه يُفَوِّتُهُ عليهم، وبُضْعُ الزوجة لا حَقَّ للوَرَثَةِ فيه ألبتَّةَ ولا ينتقلُ إليهم، فإذا أخرجَهُ بدون مهر المِثْل لم يُفَوِّتْهُمْ حقًّا ينتقل إليهم. انتهى.


(١) أخرجه البيهقي: (٧/ ٤٤٦ - ٤٤٧).
(٢) (ق وظ): "يقبض".