للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إزالةُ الخَبَثِ من القسم الأول اكتُفِيَ فيه بصورة الفعل لحصولِ مقصودِهِ.

وقد علَّلنا أن المُرَادَ من الوضوء النظافةُ والوضاءةُ، وقيام العبد ين يدي الرب تعالى على أكمل أحواله، مستورَ العورة، متجنِّبًا للنجاسة، نظيفَ الأعضاء وضيئَها، وهذا حاصلٌ بإتيانه بهذه الأفعال نَوَاها أو لم يَنْوِها.

يوضحُه: أن الوضوء غيرُ مراد لنفسه بل مراد لغيره، والمرادُ لغيره لا يجبُ أن يُنوى لأنه وسيلة، وإنما تعتبر النِّيَّةُ في المواد لنفسه إذ هو المقصود المُرادُ، ولهذا كانت نيَّهُ قطع المسافة في الحج والجمعة غيرَ واجبة ولا تتوقَّفُ الصِّحَّةُ عليها، وكذلك نتَّة شراء الماء، وشراء العبد في عتق الكَفَّارة، وشراء الطعام فيها غير واجبة (١)؛ إذ هذه وسائلُ مرادة لغيرها.

وكذلك الوضوء وسيلةٌ ترادُ للصلاة، فهي كطهارة المكان والثياب.

يوضحه أيضًا: أن النِّيَّةَ لو اعْتُبرت في الوضوء لاعْتُبِرت في سائر شروط الصلاة، كسَتْر العورة وإزالة النجاسة وغيرهما، ولا أرى منازِعِيّ القومِ يتمتكَّنون من الجواب عن هذه الكلمات بجوابٍ شافٍ، وهذه أجوبتُهم في طرايقهم فعليك بمراجعتها.

ونحن لا نرتضي هذا الرأيَ، ولكن لم نَرَ استدلال منازعيهم وأجوبتهم لهم أقوى من هذه الأدلة، وما ذلك لضعفِ المسألةِ من جانِبهم؛ ولكن لأنَّ الكلامَ في مسألة النية شديدُ الارتباط بأعمالِ القلوبِ، ومعرفةِ مراتبِها وارتباطِها بأعمالِ الجوارح، وبنائها عليها


(١) من قوله: "ولا تتوقف صحة ... " إلى هنا ساقط من (ظ).