للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتأثيرها فيها صحَّةً وفسادًا، وإنما هي الأصلُ المُرادُ المقصودُ، وأعمالُ الجوارح تَبَعٌ: ومكمِّلَةٌ ومُتَمّمَةٌ، وأن النية بمنزلة الرُّوحِ، والعملُ بمنزلة الجَسَدِ: والأعضاء، الذي إذا فارق الرُّوحَ فمَوَاتٌ، وكذلك العملُ إذا لم تَصْحَبْهُ النيةُ فحركة عابثٍ. فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح؛ إذ هي أصلُها، وأحكام الجوارح متفرِّعةٌ عليها.

وكذلك أيضًا: لا يتحقَّقُ الكلامُ في المسألة إلا بعد معرفة حقيقة النّيَّة، وهل هي من جنس العلوم والتَّصَوُّرات أو من جنس الإرادات والعزوم؟ أو حقيقتُها مركبةٌ من الأمرين؛ وأما من قَدَّر انبساطها وانقسامها على حروف معينة، لكلِّ حرف منها جزءٌ من أجزاء النِّيَّة، فلم يحصِّل معنى النِّيَّة فَضْلاً عن أن يتمكَّنَ من رَدِّ قول منازعه (ق/ ٢٧٩ ب) في اعتبارها.

وكذلك من ظنَّ أنها لا تتحقَّقُ إلا بجَرَيان ألفاظ من اللِّسان يخبرُ بها عنها، لم يحصِّلْ أيضًا معناها، فيجبُ أن نعلم حقيقَتَها أوَّلاً ومنزلَتَها من أعمال القلوب، وأنه يستحيل عليها الانبساطُ والانقسامُ، وأنه لا مدخلَ للألفاظ: فيها ألبتَّةَ، ويفرَّقُ بين النية المتعلِّقة بالمعبود التي هي من لوازم الإسلام وموجباته، بل هي رُوحه وحقيقته التي لا يقبلُ اللهُ من (ظ/ ١٩٥ ب) عاملٍ عملاً بدونها ألبتة، وبينَ النية المتعلقة بنفس العمل، التي وقع فيها النزاعُ في بعضِ المواضع، ثم يعرف ارتباطها بالعمل وكيف: قصد بها تمييز العبادة عن العادة إذ كانا في الصورة واحدًا، وإنما يتميَّزان بالنية.

فإذا عدمتِ النيةُ كان العمل عاديًّا لا عباديًّا، والعاداتُ لا يُتَقَرَّب